صور وبوسترات لمشايخ وقراء مصر العظماء ونبدة عنهم

اولا الشيخ:- ابو العنين شعيع




وسام يحمل أوسمة



شهادة ميلاده تشير إلى أنه من مواليد سنة 1922 م ولكنه يعتبر أن تاريخ مولده الحقيقي بدأ مع تلاوته للقرآن الكريم فوالده كان يطمح أن يرى ولده ضابطا ولكن الطفل الصغير أراد له ربه شأنا آخر فهو قد ادخره لحمل أمانة تبليغ كتابه للناس فبدأ شيخنا يضع أقدامه على أول الطريق وكان هناك عمالقة فطالت عنقه حتى قاربتهم وعاش مع القرآن رحلة طالت إلى نصف قرن فهي رحلة عمل ليست للمكاسب فقط .



إنه الشيخ أبو العينين شعيشع ظنوه ميتا عند تكريمه ولكنه حي أطال الله بقاءه لخدمة كتابه.



البداية كانت بمولده بمركز (بيلا) بمحافظة كفر الشيخ عام 1922 م بدأ في الصغر كأي طفل في القرية ,دخل المدرسة الابتدائية حتى الصف الرابع, ثم تحول إلى المرحلة الإلزامية , ولما وصلت سنه إلى اثنتي عشرة سنة دخل الكتاب , وحفظ القرآن الكريم في سنتين.



في ذلك الوقت كان الشيخ أبو العينين لا يستعمل صوته إلا في القرآن , وذات مرة سمعه الشيخ يوسف شتا - شيخ الكتاب - وقتها وهو يدندن مع الأطفال بالقرآن , فتنبأ له بمستقبل عظيم مع كتاب الله , وفي المدرسة كانوا ينتدبونه لتلاوة بعض آيات من القرآن في المناسبات وكان محاطا من الجميع بالتشجيع والتعاطف مع صوته , ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره ذاعت شهرته في بلده كفر الشيخ , والبلاد المجاورة.



وفي بداية رحلة الشيخ مع القرآن كان ينام أسفل دكة القارىء حتى يحملوه نائما. ولما بلغ الرابعة عشرة من عمره دعي إلى المنصورة سنة 1936 م لإحياء ذكرى الشهداء الذين سقطوا في تلك الفترة , وفي ساحة كبيرة بمدرسة الصنايع دخل إلى مكان الاحتفال ببذلة وطربوش وشاهد جمعا غفيرا من الناس فدهش ! ولكن الخوف لم يتملكه , فكيف يهاب الناس وهو يحمل القرآن بين جنبيه, فجلس بجوار المنصة , ولما قرأ قول الحق تبارك وتعالي ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) . حتى شعر بالاستحسان في عيون الناس , وانقلب الاحتفال إلى مهرجان لنصف ساعة وحملوه على الاعناق وآل على نفسه منذ هذا اليوم أن ينتهج القرآن لكي يكون قارئا .



وفي عام 1939 م دعي الشيخ شعيشع لإحياء مأتم الشيخ الخضري وكان من كبار العلماء. وكانت تربطه به صلة مصاهرة , فلما حضر الليلة وكان موجودا بها الشيخ عبدالله عفيفي وكان شاعرا بالإضافة إلى كونه إمام الملك في ذلك الوقت , فلما سمعه طلب أن يقدمه للإذاعة , فذهب الشيخ أبوالعينين شعيشع لمقابلة سعيد لطفي باشا مدير الإذاعة المصرية , وكذلك مستر فيرجسون المدير الإنجليزي , وحدد له يوم الامتحان أمام لجنة مكونه من كبار العلماء منهم : الشيخ أحمد شوريت , وابراهيم مصطفي عميد دار العلوم , والشيخ المغربي , والاستاذ مصطفي رضا مدير معهد الموسيقي , وفي ذلك الوقت كانت الاذاعة متعاقدة مع الشيخ محمد رفعت , والشيخ عبدالفتاح الشعشاعي , وتم التعاقد معه أيضا , وكان يعد أصغر قارىء للقرآن , إذ كانت سنه سبع عشرة سنة.



وفي ليلة القدر من عام 1942 م كان الشيخ ومعه الشيخ الشعشاعي يحييان ليالي رمضان بقصر عابدين ,فجاءهما رئيس الديوان الملكي وأخبرهما بأن الملك فاروق قرر منح الشيخين وسامين . فاستبشرا خيرا , وجاءت الليلة الموعودة ( ليلة القدر ) وإذا بالملك ينعم بالوسام على الآنسة أم كلثوم في ذلك الوقت !!



والشيخ أبوالعينين شعيشع أول قارىء للقرآن الكريم يسافر إلى الدول العربية وذلك في عام 1940 م بدعوة من إذاعة الشرق الأدني ومقرها فلسطين , فتعاقدت معه لمدة ثلاثة أشهر , وكان يقرأ قرآن صلاة ظهر الجمعة من المسجد الأقصي وتنقلها إذعتا الشرق الأدني والقدس على الهواء مباشرة .



وهناك طرفة حكاها لي الشيخ أبوالعينين , فهذه هي أول مرة يغادر فيها مصر , وكان شديد الحب والارتباط بأمه التي لم يفارقها من قبل , وكانت سنه ثماني عشرة سنة , وبعد فترة من وصوله فلسطين سحب جواز سفره , فقد كانت إذاعة الشرق الأدني تخضع للإنجليز . وهناك شعر باشتياق جارف لأمه , وقرر العودة إلى مصر , ولكن كيف وجواز سفره في أيديهم . ففكر في أحد أصدقائه وهو - يوسف بك بامية - وكان من كبار الأعيان بفلسطين وكان على صلة وثيقة بمديري الاذاعة , فاستطاع أن يحصل على جواز سفره, فسافر الشيخ أبوالعينين شعيشع صباحا بقطار حتى وصل مصر مغرب أحد الأيام , وتوجه إلى منزله ومد يده ليدير مفتاح الراديو ليسمع إذاعة الشرق الأدني ,فإذا بالمذيع يقول : نحن في انتظار القارىء الكبير الشيخ أبوالعينين شعيشع , ولما عرف مستر مارساك مدير الاذاعة بسفره , حتى جاء إلى مصر يرجوه العودة إلى فلسطين.



وحدث في عام 1948 م أن نقلت إذاعة الشرق الأدني إلى قبرص وطلبوا الشيخ شعيشع . فاتصل به المرحوم السيد بدير وقال له : ( ياعم أبوالعينين بدأنا نعمل تسجيلات لإذاعة الشرق الأدنى واتصلوا بي كي تسجل لهم في قبرص , وعملي معهم مرتبط بموافقتك على هذه التسجيلات ) فوافق الشيخ على الفور .



وفي بداية الخمسينات كان الشيخ أبوالعينين أول من سجل القرآن الكريم على اسطوانات , وكان قبل عصر التسجيلات يقيم في رمضان بالإذاعة ليؤذن لصلاة الظهر والعصر , وعند المغرب يؤذن للصلاة , ثم يتناول قليلا من التمر , حتى يحين موعد أذان العشاء فيؤذن للصلاة ثم يتوجه إلى منزله لتناول إفطاره.



وقد سار الشيخ أبو العينين على خطى سلفه الشيخ محمد رفعت , فكان خير من قلد صوته مما دفع بالاذاعة بعد وفاة الشيخ رفعت إلى الاستعانة به في تسجيل الأجزاء التي حدث بها خلل اضطرت معه الاذاعة إلى مسحها وإعادة تسجيلها من جديد , ولكن الشيخ شعيشع اتخذ لنفسه بعد ذلك خطا آخر بعد فيه عن التقليد, وأصبح واحدا من عمد القرآءة في مصر . ونال الشيخ عدة أوسمه من الدول التي زارها فحصل على وسام الاستحقاق من سوريا ووسام الرافدين من الدرجة الأولي من العراق, على الرغم من أن مناسبة الزيارة كانت حزينة لوفاة الملكة أم الملك فيصل , فإنه تقديرا للقرآن الكريم أعطى الوسام ومن لبنان وسام الأرز وكذلك من الاردن والصومال وتركيا وباريس . وقام بترتيل القرآن ومعه الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد في أبو ظبي بدعوة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات في رمضان لمدةعشرسنواتمتتاليه.



والشيخ أب والعينين شعيشع كان الوحيد الذي يقرأ القرآن وهو يرتدي البدلة و الطربوش حتى وصل إلى تركيا لإحياء ليالي رمضان , وفي المطار قابله القنصل العام لسفارتنا هناك , وأخبره بأن الطربوش محرم حتى على أئمة المساجد إلا وقت الصلاة ! فبحث في جيبه فوجد شالا أبيض قام بلفه على الطربوش , وفي تركيا وجد إقبالا شديدا على الصلاة في المساجد فالأسر هناك تخرج للصلاة في جماعات , فهم يحبون القرآن ويعبدون رب القرآن .



وعند عودته إلى مصر , طلب منه د. عبدالعزيز كامل وزير الأوقاف الأسبق ألا يخلع العمامة بعد ذلك , ففعل.



وما سافر إلى انجلترا قضي اليوم الأول من العيد في مقاطعة ( شيفلد ) فصلي معهم العيد , ثم سافر إلى برمنجهام فقالوا له : إن العيد اليوم فصلي معهم , وسافر إلى لندن فصلي معهم العيد , وحتى اليوم لا يعرف الشيخ من أين كانوا يأخذون الوقت .



وفي طريقه من تركيا إلى يوغسلافيا لتلاوة القرآن بمقاطعة ( سراييفو ) التي كان يبلغ عدد المسلمين بها نحو ثلاثة ملايين نسمة , نزلت الطائرة بميونخ بألمانيا ( ترانزيت ) فوجد الشيخ بالمطار احتياطات أمن مشددة ضد العرب , فأوقفوه ظنا منهم بأنه زعيم الفدائيين ولما كان لا يجيد الانجليزية ولا الالمانية , اتجه إلى الله أن ينقذه من هذه اورطة , وبعد لحظات سمع صوتا يناديه , وتبين من صاحبه أنه كان أحد مدربي كرة القدم بالنادي الأهلي فتفاهم مع سلطات المطار وعرفهم بشخصه , وسافر في طريقه إلى يوغسلافيا.



والشيخ أبوالعينين شعيشع من الرعيل الأول من القراء ورئيس المركز الدولي للقرآن الكريم بالقاهرة , ووكيل أول نقابة القراء , وقارىء السورة بمسجد عمر مكرم , وكان موفدا من قبل وزارة الاوقاف لإحياء شهر رمضان بتركيا وفي إحدي ليالي الاسبوع الاخير من رمضان , دق جرس التليفون في منتصف الليل في الفندق الذي يقيم فيه بأنقره وكان المتحدث سفير مصر بتركيا في ذلك الوقت محمد عبدالعزيز عيسي نجل العالم الجليل الشيخ عبدالعزيز عيسي وزير الاوقاف الاسبق وأخبره بأن د. محمد على محجوب وزير الاوقاف يدعوه للحضور إلى مصر قبل احتفال ليلة القدر ليتسلم الوسام الذي منحه إياه الرئيس حسني مبارك , ولبي الشيخ شعيشع الدعوة شاكرا . وعندما صعد إلى المنصة لتسلم الوسام - وسام الامتياز من الدرجة الولي - استفسر الرئيس عن أحواله وهنأة ..فقال الشيخ أبوالعينين شعيشع : لقد رددت لي اعتباري ورددت إلى كرامتي ..بل رددت إلى نفسي ..فهذا الشيخ بحق وسام يحمل أوسمة.






تانيا :- الشيح سيد سعيد






.:: نبذة عن الشيخ السيد سعيد::.

ولد الشيخ السيد سعيد فى السابع من مارس سنة 1943 للميلاد بقرية ميت مرجا سلسليل مركز المنزلة محافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية . أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً فى التاسعة من عمره سافر الى العديد من دول العالم لتلاوة القرآن الكريم بها و من هذه الدول : الإمارات العربية المتحدة ( عدة مرات ) و لبنان ( عدة مرات ) و جنوب افريقيا و إيران و سويسرا





تالتا:- السيد متولي عبد العال


الشيخ

ولادته :

ولد القارىء الشيخ سيد متولي بقرية الفدادنة مركز فاقوس بمحافظة الشرقية يوم 26 إبريل عام 1947م. في أسرة يعمل عائلها بالزراعة كبقية أهل القرية.

كان والده يتطلع إلى السماء داعياً رب العزة أن يرزقه ولداً بعد البنات الأربع ليكون لهم رجلاً وملاذاً بعد وفاته. وكانت الأم في شوق إلى ابن يقف بجوار شقيقاته الأربع بعد رحيلها حتى تطمئن على بناتها بوجود أخ لهن يأوين إليه عند الشدائد والملمات ويجدنه بجوارهن دائماً. وتأكيداً لرغبة الأم الشديدة في إنجاب غلام حليم دعت الله أن يرزقها الولد لتهبه لحفظ القرآن الكريم ليكون أحد رجال الدين وخادماً لكتاب الله عز وجل وعاملاً بحقل الدعوة الإسلامية. استجاب المولى لرجاء الوالدين ورزقهما بطفل ليبعث في نفسيهما الأمل ويبث في قلبيهما السكينة والإطمئنان. عم الخير أرجاء البيت بمقدم الوليد وسهرت الأم ليلها ونهارها ترقب نمو ابنها متمنية أن تراه رجلاً بين عشية أو ضحاها .. مرت الأيام مر السحاب وتعاقب الليل والنهار وتوالت الشهور وبلغ الابن الخامسة من عمره فأخذه أبوه وذهب به إلى كتّاب الفدادنة وقدمه إلى الشيخة (( مريم السيد رزيق )) التي ستقوم بتلقينه الآيات والذكر الحكيم . وتعاهد الإثنان والوالد والشيخة مريم على الإهتمام بالإبن سيد متولي أدق ما يكون الإهتمام, ورعايته أفضل ما تكون الرعاية فتعاون البيت مع الكتاب وقدما العون للطفل ابن الرابعة حتى يتفرغ لحفظ القرآن ومراجعته وإجادة نطقه. وجدت الشيخ مريم علامات النبوغ ومؤشرات الموهبة لدى تلميذها فانصب اهتمامها عليه وعاملته معاملة متميزة لتصل به إلى حيث تضعه الموهبة دون تقصير ولا يأس, فهي المحفّظة التي تخرج على يديها وفي كتّابها مئات من الحفظة مما مكنها من معرفة إمكانات الموهوب وكيف تثقل موهبته كملقنة لها خبرتها ونظرتها الثاقبة.



يقول الشيخ سيد متولي عن مرحلة الطفولة :

(( .. ولولا الشيخة مريم وفضلها عليّ ما استطعت أن أحفظ القرآن بهذا الإتقان. ومازلت أذكر محاسنها وإمكاناتها وأمانتها في التحفيظ والتلقين والصبر على تلاميذها وكيفية تعاملها مع الحفظة بطريقة تميزها على بقية المحفّظين بالإضافة إلى قناعتها بما كتبه الله , ولأنها كفيفة اعتبرت عملها رسالة ودعوة إلى الله وكانت تردد لنا قول النبي (ص) : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) وعندما يتخرج في كتابها حافظ للقرآن كاملاً كنت تجدها أسعد من في الوجود وكأنها ملكت الدنيا في قبضتها واقتربت من أبواب الجنة باعتبارها من ورثة كتاب الله عزل وجل .. وهي الآن ما زالت تحفظ القرآن متمتعة بالقبول والرضا ويكفيها من الخير أنها تستضيف وفود الملائكة كل يوم بكتّابها يزفون إليها البشرى من ربهم بأن لها من الله أجراً عظيماً )). ولما بلغ الفتى القرآني سيد متولي السادسة من عمره ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية بالقرية فلم ينشغل بالدراسة عن الكتّاب لأن القرآن كنز الدنيا والآخرة.

عرف الشيخ سيد متولي بين زملاء المدرسة واشتهر بأنه قارىء للقرآن وسعد به المدرسون والتلاميذ الذين قدموه لتلاوة القرآن كل صباح بالمدرسة وكثيراً ما افتتح الحفلات التي كانت تقام في المناسبات المختلفة. ظل التلميذ الموهوب سيد متولي يتردد على كتّاب الشيخة مريم حتى أتم حفظ القرآن كاملاً وهو في سن الثانية عشرة. أصبح الشيخ سيد متولي قارىء القرية في المناسبات والمآتم البسيطة وأحيا ليلة الخميس والأربعين فنجح في ذلك بتفوق لأنه نال إعجاب الناس جميعاً فأشار بعضهم على والده أن يذهب به إلى الشيخ (( الصاوي عبدالمعطي )) مأذون القرية ليتلقى عليه علم القراءات وأحكام التجويد, وخاصة أنه يجيد حفظ القرآن وتلاوته بصوت قوي وجميل ولا ينقصه إلا دراسة الأحكام .. استجاب الوالد لتوجيه المقربين إليه وذهب بابنه إلى الشيخ (( الصاوي )) حزن عليه تلميذه الشيخ سيد متولي لأنه كان صاحب فضل عليه حيث علمه أحكام التجويد بروايةحفص باتقان مكنه من تلاوة القرآن بجوار عمالقة القراء.

ولم يتقصر هذا العطاء وهذا الفضل عند هذا الحد, ولكن شاء القدر أن يبقى ذكر الشيخ (( الصاوي )) محفوراً بذاكرة الشيخ سيد متولي وكيانه .. وخاصة بعدما حصل الشيخ سيد متولي على المأذونية خلفاً لأستاذه الشيخ (( الصاوي )) ليصبح الشيخ سيد قارئاً للقرآن ومأذوناً لقريته (( الفدادنه )) وحباً في تحصيل علوم القرآن وحرصاً على التمكن من كتاب الله ذهب طموح الشيخ سيد به إلى قرية العرين المجاورة للفدادنة ليتعلم علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ طه الوكيل فوجد اهتماماً ورعاية وأمانة واتقاناً وحرصاً من الشيخ الوكيل شجعه على الإغتراف من علمه وأثقل موهبته بما تلقاه من علوم قرآنية على يد هذا العالم الجليل .. بعد ذلك ذاع صيته في محافظة الشرقية وانهالت عليه الدعوات من كل أنحاء الشرقية وبدأ يغزو المحافظات الأخرى المجاورة لإحياء المآتم وكثيراً ما قرأ بجوار مشاهير القراء الإذاعيين أمثال الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البنا والشيخ عبدالباسط والشيخ حمدي الزامل والشيخ السعيد عبدالصمد الزناتي .



يقول الشيخ سيد متولي :

(( .. ولما بلغت العشرين عاماً ذاع صيتي ووصلت شهرتي إلى كل المحافظات المجاورة لمحافظة الشرقية ودعيت لإحياء المآتم الكبرى بجانب مشاهير القراء فلم تأخذني الرهبة لأنني تعلمت على يد واحدة من أفضل محفظي القرآن وهي الشيخة مريم التي مازلت أذكر بالفخار أنها أستاذتي ومعلمتي, وفي البداية لم أنظر إلى الأجر الذي لم يتعد جنيهاً واحداً عام 1961م وعام 1962م. وفي عام 1970 دعيت لإحياء مأتم كبير ففوجئت بوجود المرحوم الشيخ محمود علي البنا, فسعدت بأنني سأقرأ بجواره في سهرة واحدة ولو لم أحصل على أجر فإن سعادتي كانت أعظم, وبعدها قرأت مع المرحوم الشيخ عبدالباسط والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ الطبلاوي )).

بعد عام 1980م وصلت شهرة الشيخ سيد متولي إلى المحافظات وامتدت في نفس العام إلى خارج مصر .. فذاع صيته في بعض الدول العربية والإسلامية من خلال تسجيلاته على شرائط الكاسيت التي جعلته أشهر قارىء خارج الإذاعة وتفوق على كثير من قراء الإذاعة من حيث الشهرة وحب الناس له. ويرجع سبب هذا التفوق إلى إمكاناته المتعددة (( صحياً )) ما شاء الله لا قوة إلا بالله , وصوتياً متمتعاً بأحبال صوتية قوية جداً وطول في النفس بغير شهيق – كما يفعل بعض القراء – وصوت رخيم عريض جميل, وقدرته على التلوين وفهمه لمعاني كلمات القرآن. متميزاً على كل القراء بارتدائه الطربوش (( المغربي )) الذي كان يرتديه الشيخ أبوالعينين شعيشع في بداية حياته مع القرآن.



قارىء الإذاعات العربية والإسلامية والسفر إلى الخارج :

بعد شهور سيبلغ الشيخ متولي الخمسين عاماً ولم يلتحق بالإذاعة المصرية حتى الآن ولكنه قام بتسجيل القرآن لبعض الإذاعات العربية والإسلامية وله تسجيلات تذاع بالأردن وإيران وبعض دول الخليج. وهو الآن أصبح منافساً بقوة لمشاهير القراء الإذاعيين وخاصة بعدما دخلت تسجيلاته كل بيت وفي متناول كل يد وخاصة السيارات والمحلات المنتشرة في أكبر ميادين المدن الكبرى .. ويقول عن سبب شهرته وانتشاره بقوة : (( .. والسبب الحقيقي في شهرتي وذيوع صيتي هو أنني أراعي الله في تلاوتي لكتابه .. والقارىء إذا كان مخلصاً لربه وللقرآن وللناس فلن يجد إلا القبول والتوفيق .. وعن علاقاتي فهي طيبة مع كل الناس وخاصة زملائي القراء ولكن في حدود , لأني دائماً أراجع القرآن في أوقات الفراغ. وأما عن التقليد فلست من مؤيديه لأن المقلد سرعان ما ينتهي لأن الناس دائماً يحنون إلى الأصل, وهذا لا ينفي التقليد في البداية فكل قارىء يبدأ مقلداً ولكن في الوقت المناسب يجب أن يستقل بشخصيته وتكون له طريقته التي تميزه )) .. ولأن القرآن هو الثروة التي لا تعادلها ثروة في الحياة, حرص الشيخ سيد على أن يكون له ابن من حفظة القرآن ليكون امتداداً له.. فوجد إقبالاً شديداً من ابنه (( صلاح )) على حفظ القرآن فأرسله إلى كتّاب الشيخة مريم وهو الآن يحفظ ما يقرب من عشرين جزءاً حفظاً جيداً بجانب دراسته بالصف الرابع الثانوي بمعهد السلاطنة الديني.

سافر الشيخ سيد متولي إلى كثير من الدول العربية والإسلامية والأفريقية لإحياء ليالي شهر رمضان وتلاوة القرآن الكريم بأشهر المساجد هناك وله جمهوره المحب لصوته وأدائه في كل دولة ذهب إليها وهذا الحب والقبول أعز ما حصل عليه الشيخ سيد متولي على حد قوله. وخاصة إيران والأردن ودول الخليج العربي.



الإذاعة .. ورحلة كفاحه حتى وصل إلى هذه الشهرة :

التحاقه بالإذاعة يقول: الآن حان الوقت للتقدم للإذاعة والله أدعو أن يوفقني حتى أستطيع أن أخدم القرآن الكريم من خلال الإذاعة التي تدخل كل بيت داخل مصر وخارجها. والإذاعة صاحبة فضل على كل قارىء مشهور. ويعتبر الشيخ سيد متولي واحداً من أشهر القراء الذين دخلوا قلوب الناس وكتبوا لأنفسهم تاريخاً بالجهد والعرق والكفاح كالشيخ جودة أبوالسعود والشيخ عبدالحق القاضي وغيرهما من القراء الموهوبين الذين قرأوا القرآن على أنه رسالة ولكن حظهم من الشهرة لم يبلغ قدرهم, ولكنهم كانوا يعلمون أن ما عند الله خير وأبقى.




رابعا الشيخ:- محمد انور




ولادته :

ولد القارىء الشيخ الشحات محمد أنور قارىء مسجد الإمام الرفاعي, يوم 1 يوليو, عام 1950م في قرية كفر الوزير – مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية في أسرة صغيرة العدد .. وبعد ثلاثة أشهر من ولادته, مات أبوه فلم يتمكن الطفل من تمييز ملامح أبيه الذي ترك طفلاً يتيماً يواجه أمواج الحياة وتقلبات الأيام بحلوها ومرها. ولأن حنان الأم لا يعادله حنان, احتضنت الأم وليدها وانتقلت به للإقامة بمنزل جده ليعيش مع أخواله حيث الرعاية الطيبة التي قد تعوضه بعض الشيء وتضمد جراح اليتيم التي أصابته قبل أن تنبت له الأسنان.

قام خاله برعايته, وتبناه فكان خير أمين عليه لأنه قام بتحفيظه القرآن. كان لنشأته في بيت قرآن الأثر الكبير في إتمامه لحفظ القرآن وهو في الثامنة من عمره, وبواسطة خاله الشيخ حلمي محمد مصطفى رحمه الله راجع القرآن أكثر من مرة.. ولما بلغ العاشرة ذهب به خاله إلى إحدى القرى المجاورة وهي قرية (( كفر المقدام )) ليجود القرآن على يد المرحوم الشيخ علي سيد أحمد ((الفرارجي)) الذي أولاه رعاية واهتماماً خاصاً, لأنه لديه الموهبة التي تؤهله لأن يكون واحداً من أشهر قراء القرآن في مصر والعالم كله.



يقول الشيخ الشحات مسترجعاً أيام الطفولة :



(( ... في تلك الفترة كنت سعيداً بحفظ القرآن سعادة لا توصف, وخاصة أثناء تجويدي للقرآن بعد ما أتممت حفظه .. ولأن صوتي كان جميلاً , وأدائي للقرآن يشبه أداء كبار القراء, تميزت على أقراني وعرفت بينهم بالشيخ الصغير, وهذا كان يسعدهم جميعاً وكان زملائي بالكتّاب ينتهزون أي فرصة ينشغل فيها الشيخ عنا ويطلبون مني أن أتلو عليهم بعض الآيات بالتجويد ويشجعونني وكأنني قارىء كبير. وذات مرة سمعني الشيخ من بعيد فوقف ينصت إليّ حتى انتهيت من التلاوة فزاد اهتمامه بي فكان يركز عليّ دون الزملاء لأنه توقع لي أن أكون ذا مستقبل كبير على حد قوله رحمه الله ... واذكر أنني أثناء تجويدي للقرآن كنت كثيراً ما أتلو على زملائي ففكر أحدهم أن يحضر علبة كبريت (( درج )) ويأخذ منها الصندوق ويضع به خيطاً طويلاً ويوصله بالعلبة فأضع أحد أجزاء العلبة على فمي وأقرأ به كأنه ميكرفون وكل واحد من الزملاء يضع الجزء الآخر من العلبة على أذنه حتى يسمع رنيناً للصوت فيزداد جمالاً وقوة.. كل هذا حدد هدفي وطريقي وأنا طفل صغير وجعلني أبحث جاهداً عن كل السبل والوسائل التي من خلالها أثقل موهبتي وأتمكن من القرآن حتى لا يفر مني وخاصة بعد ماصرت شاباً مطالباً بأن أعول نفسي ووالدتي وجدتي بعد وفاة خالي الذي كان يعول الأسرة, فكنت لما أسمع أن أحد كبار العائلات توفي وتم استدعاء أحد مشاهير القراء لإحياء ليلة المأتم كنت أذهب وأنا طفل في الثانية عشرة وحتى الخامسة عشرة. إلى مكان العزاء لأستمع إلى القرآن وأتعلم من القارىء وأعيش جو المناسبة حتى أكون مثل هؤلاء المشاهير إذا ما دعيت لمثل هذه المناسبة.



المنافسة :



الشيخ جوده أبوالسعود والسعيد عبدالصمد الزناتي والشيخ حمدي الزامل الذين أشعلوا المنافسة في المنطقة بظهورهم دفعة واحدة ولكن والحق يقال – ظهرت موهبة الفتى الموهوب فجأة لتدفعه بين عشية أو ضحاها ليكون نداً للجميع واحتل مكانة لا تنكر بينهم رغم صغر سنه فتألق كقارىء كبير يشار إليه بالبنان وهو دون العشرين عاماً.







كانت بداية الشيخ الشحات بداية قاسية بكل معايير القسوة لم ترحم تقلبات الحياة المرة طفلاً يحتاج إلى من يأخذ بيده وينشر له من رحمته ويحيطه بسياج من العطف والحنان وبدلاً من هذا عرف الأرق طريق الوصول إليه فكيف ينام أو تقر له عين ويسكن له جفن أو يهدأ له بال وهو مطالب بالإنفاق علىأسرة كاملة فبدأ بتلبية الدعوات التي انهالت عليه من كل مكان وهو ابن الخامسة عشرة فقرأ القرآن في كل قرى الوجه البحري بأجر بسيط آنذاك لا يتعدى ثلاثة أرباع الجنيه إذ كانت السهرة بمركز ميت غمر تحتاج إلى سيارة وقد تصل إلى 7 جنيهات إذا لزم تأجير سيارة مهما يكن نوعها. فكان يعود من السهرة بما تبقى معه من الأجر ليسلمه إلى جدته ووالدته فتنهال عليه الدعوات مما يشجعه على تحمل الصعاب في سبيل التطلع إلى إلى حياة كريمة شريفة يتوجها بتاج العزة والكرامة وهو تلاوة كتاب الله عز وجل .

استطاع الشيخ الشحات في فترة وجيزة أن يكّون لنفسه شخصية قوية ساعده على ذلك ما أودعه الله إيّاه من عزة النفس وبعد النظر واتساع الأفق والذكاء الحاد والحفاظ على مظهره والتمسك بقيم وأصالة الريف مع التطلع بعض الشيء إلى الشياكة في المعاملة التي تغلفها رقة تجعل المتعامل معه يفكر ثم يفكر أبها تكلف أم أنها طبيعية وهذا ما سنجيب عنه قادماً. في تلك الفترة لم يكن الشيخ الشحات قد ارتدى زياً رسمياً للقراء ولكنه كان يلبس جلباباً أبيض والطاقية البيضاء وذات يوم ذهب ليقرأ مجاملة بمأتم خال القارىء الشيخ محمد أحمد شبيب بقرية دنديط المجاورة لكفر الوزير مباشرة, ولم يكن يتوقع أن ينال إعجاب الجمهور من الحاضرين بصورة لافتة للأنظار وخاصة الحاج محمد أبوإسماعيل معلم القرآن بالمنطقة وكان التوفيق حليفه والفتوح الرباني ملازمه بقوة وكان أحد الحاضرين خاله المرحوم الشيخ محمد عبدالباقي والذي كان مقيماً بمدينة بورسعيد وأبناؤه موجودون بها حتى الآن. فلما رأى المرحوم الشيخ محمد عبدالباقي إعجاب الناس الشديد بالشيخ الشحات فرح جداً وأحضر للشيخ الشحات زياً كاملاً من جملة ما عنده وقام بضبط الزي على مقاس الشيخ الشحات لأنه كان أطول منه قليلاً , وقام بلف العمامة البيضاء (( الشال )) على الطربوش وقال له بحنان الخال العامر قلبه بالقرآن .. مبسوط يا شحات أنت كده أصبحت شيخاً كبيراً وضحك الجميع سروراً وتمنى الموجودون للشيخ الشحات أن يكون أحد كبار ومشاهير القراء.



الموهبة وبداية الشهرة :



وبعد أن تخطى العشرين عاماً بقليل صار للشيخ الشحات اسماً يتردد في كل مكان وانهالت عليه الدعوات من كل محافظات مصر وأصبح القارىء المفضل لمناطق كثيرة ظلت آمنة ساكنة لم يستطع أحد غزوها بسهولة لوجود المرحوم الشيخ حمدي الزامل والشيخ شكري البرعي وتربعهما على عرش التلاوة بها لدرجة أنها عرفت بأنها مناطق الشيخ حمدي الزامل رحمه الله. ولكن الموهبة القديرة لا تعرف حدوداً ولا قوانين حتى ولو كانت القوانين قوانين قلبية مغلقة.. فكانت الموهبة لدى الشيخ الشحات هي المفتاح السحري الذي يتطاير أمامه كل باب.



وبعد عام 1970م انتشرت أجهزة التسجيل في كل المدن والقرى بطريقة ملحوظة وخاصة بعد الإنفتاح وكثرة السفر للعمل خارج مصر. لدرجة أن كثيرين تمنوا السفر ليس لجمع المال ولكن ليكون لديهم جهاز تسجيل يسجلوا ويسمعوا عليه المشاهير أمثال الشيخ الشحات. وكان ذلك سبباً في شهرة الشيخ الشحات عن طريق تسجيلاته التي انتشرت بسرعة البرق, ولو تم حصر تسجيلاته في تلك الفترة لزادت على عشرة آلاف ساعة من التلاوات الباهرة الفريدة التي جعلت الملايين من الناس يتوقعون لهذا القارىء الموهوب أنه سيكون أحد النجوم المضيئة في الإذاعة لأنه كان يتمتع بمزايا شخصية وإمكانات صوتية لا تقل عن إمكانات عمالقة القراء من الرعيل الأول لقراء الإذاعة.



واقعة طريفة :



حدثت عام 1978م بقرية (( التمد الحجر )) مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وكان طرفاها الشيخ الشحات والمرحوم الشيخ حمدي الزامل وفي الحقيقة كان الشيخ حمدي الزامل هو القارىء الأول والأخير لهذه القرية إلى أن ظهر الفتى الموهوب الشيخ الشحات على حد تعبير أهل القرية فتقاسم النصيب من الحب مع الشيخ حمدي وتفوق بذكائه فتملك القلوب وحدث أن توفي اثنان من أهل القرية في يوم واحد بينهما ساعات.. فالذي توفي أولا ارتبط أهله مع الشيخ الشحات والثاني مع الشيخ حمدي الزامل وكان الشيخ الزامل وقتها مخضرم وقديم من حيث الشهرة وكان سنه 47 سنة والشيخ الشحات كان سنه 28 سنة والأول إذاعي والثاني غير إذاعي في زهرة شبابه ولكنه أظهر موقفاً لن ينسى حكّم عقله رغم أن القرية يومها كانت بمثابة مقر لمؤتمر عالمي كبير جاءتها الوفود من كل مكان لتستمع إلى قطبين في مجال التلاوة ولكن الشيخ الشحات كان حكيماً فالسرادقان متجاوران والصوت يدخل إليهما بسهولة فلم يستخدم الشيخ الشحات قوة صوته وصغر سنه ليجهد الشيخ حمدي لكنه كان يكتفي بأن يقرأ عندما يصدّق الشيخ حمدي الزامل تقديراً للزمالة وحفاظاًَ على جلال القرآن واحتراماً للموقف العظيم .



الإلتحاق بالإذاعة :



كان لا بد لهذا الفتى المتألق دائماً الذي كان يتدفق القرآن من حنجرته كجدول الماء الجاري العذب أن يشق طريقه نحو الإذاعة, ولأن شهرته سبقت سنه بكثير وجّه إليه رئيس مركز مدينة ميت غمر في السبعينات المستشار حسن الحفناوي دعوة في إحدى المناسبات الدينية التي كان سيحضرها المرحوم د. كامل البوهي أول رئيس لإذاعة القرآن الكريم وذلك عام 1975 – 1976م يقول الشيخ الشحات : (( ... وكان لي صديق موظف بمجلس مدينة ميت غمر فقال لي رئيس المركز يدعوك لافتتاح احتفال ديني سيحضره كبار المسئولين ورئيس إذاعة القرآن والحفل سيقام بمسجد الزنفلي بمدينة ميت غمر فقبلت الدعوة وذهبت لافتتاح الحفل وسمعني المرحوم د. البوهي وقال لي لماذا لم تتقدم لتكون قارئاً بالإذاعة وأنت صاحب مثل هذه الموهبة والإمكانات وشجعني على الإلتحاق بالإذاعة فتقدمت بطلب وجائني خطاب للإختبار عام 1976م ولكن اللجنة رغم شدة إعجاب أعضائها بأدائي قالوا لي أنت محتاج إلى مهلة لدارسة التلوين النغمي فسألت الأستاذ محمود كامل والأستاذ أحمد صدقي عن كيفية الدراسة فدلني الأستاذ محمود كامل على الإلتحاق بالمعهد الحر للموسيقى فالتحقت به ودرست لمدة عامين حتى صرت متمكناً من كل المقامات الموسيقية بكفاءة عالية. وفي عام 1979م تقدمت بطلب.. للإختبار مرة ثانية أمام لجنة اختبار القراء بالإذاعة.. طلب مني أحد أعضاء اللجنة أن أقرأ 10 دقائق أنتقل خلالها من مقام إلى مقام آخر مع الحفاظ على الأحكام ومخارج الألفاظ والتجويد والإلتزام في كل شيء خاصة التلوين النغمي وبعدها أثنى أعضاء اللجنة على أدائي وقدموا لي بعض النصائح التي بها أحافظ على صوتي وانهالت عليّ عبارات الثناء والتهاني من الأعضاء وتم اعتمادي كقارىء بالإذاعة عام 1979م.

وتم تحديد موعد لي لتسجيل بعض التلاوات القصيرة حتى تذاع على موجات إذاعة القرآن الكريم بالإضافة إلى الأذان وعدة تلاوات منها خمس دقائق وعشر دقائق وخمس عشرة دقيقة وبعد اعتمادي كقارىء بالإذاعة بحوالي شهر فقط كنت موجوداً باستوديو ((41)) إذاعة للتسجيل يوم 16/12/1979م اتصل بي الأستاذ أحمد الملاح المسئول عن الإذاعات الخارجية والتخطيط الديني آنذاك وقال لي: أنت جاهز لقراءة قرآن الفجر لأن القارىء اعتذر لظروف خاصة؟ فقلت طبعاً أنا جاهز وكانت مفاجاة لي وفرحتي لا توصف فاسرعت إلى القرية وقطعت المسافة بين ميت غمر والقاهرة في أقل من ساعة لكي أخبر الأسرة وأهل القرية بأنني سأقرأ الفجر الليلة فعمّت الفرحة أرجاء القرية ولم ينم أحد من أبناء قريتي حتى قرأت الفجر وعدت فوجدت مئات من المحبين والأهل والأقارب والأصدقاء في انتظاري لتهنئتي ليس على قراءة الفجر على الهواء فحسب وإنما على التوفيق كذلك لأن الله وفقني جداّ وبعدها جاءتني وفود من جميع محافظات مصر لتهنئتي لأنني كنت مشهوراً جداً في جميع المحافظات قبل الإلتحاق بالإذاعة وكانت دائرة علاقاتي كبيرة على مستوى الجمهورية.

نجح الشيخ الشحات في الاستقلال بنفسه وجعل له مدرسة في فن التلاوة وحسن الأداء. وأصبح يوم 16/12/1979م يوماً لا ينسى في حياة الشيخ الشحات وفي ذكريات عشاق صوته وفن أدائه إذ كان اليوم التاريخي الذي وصل فيه صوته إلى كل أقطار الدنيا عن طريق الإذاعة أثناء قراءة قرآن الفجر على الهواء, وبعد ذلك اليوم أصبح الشيخ الشحات حديث الناس جميعاً وخاصة مشاهير القراء .. وذات يوم قابله المرحوم الشيخ محمود علي البنا وهنأه على حسن أدائه وجمال صوته ونصحه بالحفاظ صوته لأنه سيكون أحد مشاهير القراء البارزين .. وقبل وفاته بأيام قال الشيخ البنا للأستاذ عصمت الهواري وهو يسمعه في قراءة الجمعة على الهواء: (( الشيخ الشحات سيكون من أعلام مصر في التلاوة )).



في الفترة من 1980م إلى 1984م تربع الشيخ الشحات على الساحة مع أعلام القراء واستطاع أن يحقق إنجازاً كبيراً وشهرة واسعة في فترة عزّ فيها العمالقة واختلطت فيها الأمور وماجت الساحة بكثير من الأصوات القرآنية التي تشابهت واختلطت لدرجة أن السامع تاه وفكر في الإنصراف إلى كل ما هو قديم. كان قرآن الفجر عبر موجات الإذاعة هو البوابة الرئيسية التي دخل منها الشيخ الشحات إلى قلوب الملايين من المستمعين بلا اقتحام وبلا تسلق ساعده على ذلك بقاؤه بمصر خلال شهر رمضان لمدة خمس سنوات بعد التحاقه بالإذاعة ولأن قرآن الفجر آنذاك كان مسموعاً جداً لأن شهر رمضان كان يأتي في فصل الصيف خلال تلك الفترة وكان الناس جميعاً يسهرون حتى مطلع الفجر, نجد أن هذا كان عاملاً مهماً من العوامل التي ساعدت الشيخ الشحات على الانتشار والشهرة التي كان مقابلها جهد وعرق وكفاح والتزام من جانب الشيخ الشحات. وكان هذا القارىء الموهوب يقرأ أربع مرات في شهر رمضان على الهواء في الفجر وأربع مرات في سرادق قصر عابدين بانتظام مما جعل جماهيره وعشاق صوته يتوافدون من كل المحافظات ليستمعوا إليه ثقة منهم في قدراته وإمكاناته التي تمكنه وتساعده على إشباع شوقهم بما لا يقل عن ثلاثين جواباً أثناء التلاوة الواحدة وأحيانا يصل جواب الجواب إلى أكثر من عشر مرات باتقان وتجديد والتزام شهد به المتخصصون في علوم القرآن.



في عام 1984م قرأ الشيخ الشحات في الفجر :



أول (( غافر )) ثم قرأ في الفجر الذي يليه بعد أسبوع من سورة (( فاطر )) { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } ووفق لدرجة جعلت شهرته تزداد أضعافاً مضاعفة على المستويين المحلي والعالمي .. وخاصة تلاوة سورة فاطر التي لما سمعها الشيخ فرج الله الشاذلي وهو يمشي في مدينة إيتاي البارود يجري في الشارع مسرعاً ليتمكن من تسجيل بقيتها (( وهذا ما قاله الشيخ فرج الله للشيخ الشحات )) .. وهذه شهادة من قارىء عالم لقارىء موهوب .. وهكذا فرض الشيخ الشحات موهبته على الساحة ليكون أحد القراء الموهوبين الذين دوّن التاريخ أسماءهم على صفحة المشاهير. وكان أهم ما يميز الشيخ الشحات في تلك الفترة, الحيوية .. والرشاقة في الأداء والقدرة على التلوين أسفر ذلك كله عن أكثر من ثلاثمائة قارىء بمحافظات مصر يدعون إلى مآتم ومناسبات كبرى لأنهم يقلدون هذا القارىء الموهوب.

مدرسة الشيخ الشحات: أشهرهم على سبيل المثال. القارىء الشيخ ناصر الزيات, والشيخ (( شعبان الحداد )) والشيخ عبداللطيف وهدان (( بكفر طنبول القديم )) السنبلاوين , والشيخ محمود بدران بالشرقية, والشيخ إسماعيل الطنطاوي المنصورة والشيخ ((محمد المريجي )) حدائق القبة والمحامي (( علاء الدين أحمد علي )) شبرا الخيمة وغيرهم من القراء الذين يقدر عددهم بحوالي ألف قارىء بمصر والدول الأخرى الذين قلدوا طريقته بخلاف ما لا يقل عن خمسة من قراء الإذاعة يأخذون كثيراً من (( النغم )) الذي ابتكره هذا القارىء الموهوب.. وأقرب الأصوات إلى خامة صوت الشيخ الشحات صوت نجله (( أنور الشحات )) الذي حباه الله صوتاً جميلاً وأداءً , قوياً متأثراً بأبيه الذي دائماً يقدم له النصائح الغالية.. أهمها تقوى الله في القراءة.. ولقد ظهرت موهبته جلية واضحة عندما قرأ في احتفال المولد النبي الشريف (ص) عام 1994م بالإسكندرية وكرّمه السيد الرئيس محمد حسني مبارك. والذي يشغل القارىء الصغير أنور الشحات عن التلاوة في الحفلات.. حرصه الشديد على التركيز في دراسته بجامعة الأزهر الشريف .. ويلي أنور في التلاوة الجيدة أخوه محمد الشحات والذي يتمنى أن يكون داعية – وإن كان يحتاج إلى التدريب على مواجهة الجمهور .. وأما محمود فصوته أكثر جمالاً إلا أنه يشعر بأنه صغير جداً ولكن والده يقول له دائماً : (( يا شيخ محمود كلنا كنا أصغر منك سناّ وبكره الصغير يكبر يا بني .. )) ودائماً يوجه الشيخ الشحات النصائح إلى أبنائه بالمحافظة على القرآن ليشار إلى العائلة بأنها عائلة قرآنية .. ولكنه يعطي الحرية الكاملة لبناته في الحفظ مما يساعدهم على المنافسة فيما بينهم .. فالكبرى نجلاء الشحات تحفظ أكثر من نصف القرآن .. وهي حاصلة على بكالوريوس زراعة وهي متزوجة من (( د. هاني الدّوّه )) . بكلية الزراعة جامعة الزقازيق. وأمينة التي تدرس بكلية التجارة جامعة الأزهر وحسنات بالثانوية وكريمة وأسماء وضحى يحفظن ما تيسر من القرآن الكريم .. ما شاء الله.



السفر إلى دول العالم :



وللشيخ الشحات كثير من المجبين بصوته وأدائه في كل محافظات مصر, أشهرهم الرابطة التي كونها الحاج مصطفى غباشي بمحافظة الغربية.

وبعد ذلك كله كان لا بد من نقلة إلى آفاق عالية في عالم التلاوة تنبأ الناس له بمستقبل أكبر مما هو فيه, ولأنه يتمتع بذكاء وطموح ودبلوماسية في المعاملة استطاع أن يرتل القرآن ويفتح باباً لجملة من القراء ليرتلوا القرآن فأصبحوا كالمسبحة في عالم الترتيل.

بعد ما بنى الشيخ الشحات قاعدة شهرته العريضة اطمأن على أساسها المتين أراد أن ينطلق ليتم البناء ويشيده بالإنتشار والبحث عن المزيد من المجد والتاريخ في كل قارات الدنيا فلم يترك قارة إلا وذهب إليها قارئاً في شهر رمضان منذ 1985م وحتى عام 1996م فكان يسافر مرات مكلفاً ومبعوثاً من قبل وزارة الأوقاف المصرية ومرات بدعوات خاصة .. فتعلق به الملايين من محبي سماع القرآن خارج مصر المستمعين بالمركز الإسلامي بلندن ولوس أنجلوس والأرجنتين واسبانيا والنمسا وفرنسا والبرازيل ودول الخليج العربي ونيجيريا وتنزانيا والمالديف وجزر القمر وزائير والكاميرون وكثير من دول آسيا وخاصة إيران.

وعلى حد قوله لم يبغ من وراء كل هذه الأسفار إلا وجه الله وإسعاد المسلمين بسماع كتاب الله العظيم .






خامسا:- الشيخ سيد النقشبندي




لحن ملائكي ...لم يكتمل!



لم يكن يتخيل وهو طفل صغير يترنم بينه وبين نفسه بمدح رسول الله صلي الله عليه وسلم , وهو يستمع إلى المداحين أن يصل في يوم من الأيام إلى مكانه هؤلاء المداحين. بل إلى أن يتفوق علي بعضهم ويتربع بعذوبة صوته في قلوب مستمعيه.



رحلة أيام طويلة أستطاع خلالها الشيخ سيد النقشبندي ابن طنطا أن يجد نفسه بين هؤلاء إنه بحق إمام المداحين .



ولد الشيخ النقشبندي في قرية (دميرة) مركز طلخا بمحافظة الدقهلية عام 1920 م ثم انتقل وهو طفل بصحبه والدته إلى مدينة طهطا بمحافظة سوهاج وهناك تربي تربية صوفيه أساسها الايمان بالله وحب الرسول صلي الله عليه وسلم من منطلق الفطرة الصافيه وحفظ القرآن الكريم والتفقه في الدين وهو في سن مبكرة من عمره فانطبع على حب الله وعلي الصفاء المحمدي النادر الذي جعله فردا في ذاته زاهدا فيما أيدي الناس بصدق ووفاء.



بدأ شهرة الشيخ الجليل يرحمه الله وعرفته الاذاعات الدينية والعربية وذلك خلال احياءه الليلة الختامية لمولد الامام الحسين رضي الله عنه وكانت بدعوه من صديقه الحميم الحاج سيد محمد محمد من القاهرة فلبي الشيخ النقشبندي الدعوه واقام حفلا ترنم فيه بصوته وشدا بمدح الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بابتهالاته الدينية المميزة في ساحة سيد الشهداء وأدهش مستمعيه فذاع صيته وتناقلته الاذاعات عبر موجاتها.



سعت اليه الشهرة في عام 1967 وبدات الاذاعة في عمل برامج دينية منها : برنامج (الباحث عن الحقيقة - سليمان الفارسي) بالاضافة الي الابتهالات الدينية بصوت الشيخ حتى أصبح صوته مظهرا من المظاهر الدينية خلال شهر رمضان والذي ارتبط في أذهاننا بصوتين بالغي الأداء الشيخ محمد رفعت (قيثارة السماء) لقرآءة القرآن والشيخ السيد النقشبندي في أدعيه الافطار وتسابيح الفجر.



كان مدحه للرسول صلي الله عليه وسلم نبضا سماويا يغزو القلوب فتتفتح لمدحه كل القلوب. كان يدعو الناس على بصيرة من ربه فتقبل الناس على مختلف مذاهبه هذا الحب الرباني الصافي فعاش الشيخ في حياتهم وفي كل أمورهم وصار صوته علامة بارزة في عصر ولقبه كبار الأدباء والكتاب في مصر بالصوت الخاشع والكروان الرباني وقيثارة السماء وامام المداحين وقد وصفه الدكتور مصطفي محمود في برنامجه التلفزيوني العلم والايمان ذات مرة بأنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد.



عاش الشيخ عبدا فقيرا زاهدا عابدا محبا مخلصا كريما لم يترك من حطام الدنيا شيئا يذكر وتزوج بشريكه عمره وكانت على شاكلته كرما وصفاء وعطاء واخلاصا وأنجب منها البنين والبنات ثم توفيت فتزوج من آخرى وأنجب منها ايضا.



ترك الشيخ النقشبندي تراثا اسلاميا كبيرا وضخما من الابتهالات والاناشيد والموشحات الدينية وكان قارئا للقرآن الكريم بطريقة مختلفة عن بقية قراء عصره ووقته وإن كانت شهرته كمداح للرسول صلي الله عليه وسلم ومبتهل ديني هي الصفة التي اقترنت به. وقد ترك تراثا صوتيا مسجلا للأذاعة والتلفزيون فيما نسمعه ونراه.



اشترك الشيخ في حفلات وابتهالات واناشيد وتواشيح دينية في معظم الدول الاسلامية والعربية بدعوه من هذه الدول وحكامها فزار ابو ظبي وسوريا والاردن وايران والمغرب العربي والسعودية واليمن ودول الخليج العربي واندونيسيا كما زار معظم الدول الافريقية والاسيوية.



حصل الشيخ النقشبندي العديد من الاوسمة والنياشين من مختلف الدول التي زارها فلم يكن تكريمه محليا فقط بل دوليا واسلاميا وقد كرمه الرئيس الراحل السادات عام 1979 فحصل على وسام الدولة من الدرجة الاولي وفي ليلة القدر كرمه الرئيس حسني مبارك بوسام الجمهورية من الدرجة الاولي عرفانا لما قدمه الشيخ من ابتهالات وتواشيح دينية تخدم الاسلام والمسلمين. وقد كرمته محافظة الغربية التي عاش ودفن بها باطلاق اسمه على اكبر شوارع مدينة طنطا.



قد كان الشيخ قمة في الاداء والتعبير حيث كان يبتهل الي الله من اعماق قلبه ويمدح الرسول صلي الله عليه وسلم باجود الالفاظ واحسنها والمستقاه من الشعر العربي الذي كان يستمد معانيه من تعاليم الاسلام ومقرراته وكان من خلال مدحه يحرص على غرس القيم الدينية وحب الرسول محمد صلي الله عليه وسلم وآل بيته وأصحابه الكرام .



وفي الرابع عشر من فبراير عام 1976 وعن 56 عاما توفي الشيخ السيد النقشبندي رحمه الله




ومع العظيم الاعظم القارىء الاول والاخير محمد صديق المنشاوى:-





القاريء الشيخ محمد صديق المنشاوي



هو نبتة الشيخ صديق المنشاوي وهو أول قاري تنتقل إليه الإذاعة لتسجل له ويرفض طلبها والاعتماد بها.. كان لا يكف عن قراءة القرآن .. يتلوه في كل أحواله.. عندما استمع المسلمون في اندونيسيا لصوته أجهشهم البكاء.... وهو من مواليد مركز المنشأة محافظة سوهاج عام1920م من أسرة حملت رسالة تعليم القرآن وتحفيظه وتلاوته على عاتقها فأبوه المقريء الشيخ صديق المنشاوي الذي ذاع صيته في أنحاء مصر والوجه القبلي معلماً وقارئاً ومجوداً للقرآن وله تسجيلاته النادرة بإذاعات سوريا ولندن والتي تذاع بصوته حتى الآن وعمه الشيخ أحمد السيد وهو الذي رفض القراءة بالقصر الملكي فكان الشيخ محمد صديق المنشاوي هو نبت هذا الفضل القرآني وقد التحق بكتاب القرية وعمره أربع سنوات ورأى شيخه أبو مسلم خيراً كثيراً لسرعة حفظه وحلاوة صوته فكان يشجعه ويهتم به فأتم حفظه قبل أن يتم الثامنة من عمره فأصطحبه عمه الشيخ أحمد السيد معه إلى القاهرة ليتعلم القراءات وعلوم القرآن ونزل في ضيافة عمه وعند بلوغه الثانية عشرة درس علم القراءات على يد شيخ محمد مسعود الذي انبهر به وبنبوغه المبكر فأخذ يقدمه للناس في السهرات والليالي وظل الصبي محمد صديق على ذلك الحال حتى بلغ الخامسة عشر فأستقل عن شيخه ووالده بعد ذيوع صيته بمحافظات الوجه القبلي بصفة عامة ومحافظة سوهاج بصفة خاصة فزادت ثقته بنفسه وكان له عظيم الأثر في رحلته مع القرآن بعد ذلك.



*الحاج سعودي محمد صديق.. في عام 1953م كتبت مجلة الإذاعة والتلفزيون في إحدى أعدادها عن الشيخ محمد صديق المنشاوي أنه أول مقريء تنتقل إليه الإذاعة.. فكيف كانت تلك الواقعة ؟ ولماذا انتقلت الإذاعة إليه؟ وهل كان يرفض القراءة لها؟



** كان صيته وشهرته وحسن قراءته وتلاوته حديث الناس في مصر ولما علم المسؤلون بالإذاعة بتلك الموهبة أرسلوا إليه يطلبون منه أن يتقدم بطلب للإذاعة ليعقد له اختبار فإن اجتازه يعتمد مقرئاً بها فرفض الشيخ هذا المطلب وقال: لا أريد القراءة بالإذاعة فلست في حاجة إلى شهرتها ولا أقبل أن يعقد لي هذا الامتحان أبداً... فما كان من مدير الإذاعة في ذلك الوقت إلا أن أمر بأن تنتقل الإذاعة إلى حيث يقرأ الشيخ محمد صديق المنشاوي وبالفعل فوجئ الشيخ وكان يحي حفلاً رمضانياً في قرية إسنا بدار أحد الأثرياء لعائلة حزين بأن الإذاعة أرسلت مندوبها لتسجل قراءته وتلاوته وفي ذات الوقت كانت مجموعة أخرى من الإذاعة قد ذهبت لتسجل قراءة أبيه الشيخ صديق المنشاوي والذي كان يقرأ بقرية العسيرات بمحافظة سوهاج في بيت الحاج أحمد أبو رحاب وكانت تلك التسجيلات من جانب الإذاعة لتقييم صوتيهما فكانت تلك أول حادثة في تاريخ الإذاعة أن تنتقل بمعداتها والعاملين بها ومهندسيها للتسجيل لأحد المقرئين فكان ما قلته لحضرتك وفعلاً كتبت إحدى المجلات عن هذه الواقعة.



 عندما قيم المسؤلون بالإذاعة الشريطين الذين سجلا للشيخ محمد صديق وأبيه أرسلوا إليهما لإعتمادهما إلا أنهما رفضا مرة ثانية... فكيف تم إذن اعتماد الشيخ محمد صديق المنشاوي بالإذاعة ولماذا أصر أبوه على موقفه؟



** أثار هذا الموقف غضب المسؤلين بالإذاعة وكادت أن تصبح مشكلة كبيرة إلا أن أحد المقربين من الشيخ محمد صديق وكان ضابطاً كبيراً برتبة اللواء وهو عبد الفتاح الباشا تدخل في الأمر موضحاً للشيخ محمد أن هذا الرفض ليس له أي مبرر و لا يليق به خاصة وأن الإذاعة قد أرسلت إليه مهندسيها وفنييها لتسجل له بعد رفضه، وطالما أن المسؤلين قد أعطوه قدره وأنصفوه فليس هناك أي مبرر للرفض ولا بد أن يحسن معاملة المسؤلين كما أحسنوا معاملته، وبعد إلحاح شديد ذهب الشيخ محمد صديق المنشاوي للإذاعة واستكمل تسجيلاته وظل قارئاً بالإذاعة منذ ذلك إلى أن توفاه الله، أما والده فقال: يكفي الإذاعة المصرية من عائلة المنشاوي ولدي محمد.





الشيخ صديق المنشاوي




ولهذا السبب أيضاً سجل بعض الشرائط لإذاعات سوريا ولندن؟



** هو بالضبط كذلك فقد كانت شهرة الشيخ صديق السيد تملأ آفاق العلم العربي رغم أنه لم يقرأ بالإذاعة المصرية فطلبت منه إذاعتا سوريا ولندن تسجيل القرآن بصوته لهما... فرفض في البداية ولكنه بعد معاودة الاتصالات والإلحاح عليه وافق على تسجيل خمس أشرطة للقرآن بصوته للإذاعتين ولم يزد على ذلك وكان يقول: لولا إلحاحهم المستمر ما وافقت على تلك التسجيلات.



 كيف استقبل الشيخ محمد صديق المنشاوي رفض أبيه للقراءة بالإذاعة المصرية؟



** كان لا يعارض أباه أبداً ويحترم رأيه دون نقاش ولم يعلق على ذلك الأمر.



 طلب الملك فاروق من الشيخ أحمد السيد عم الشيخ محمد صديق المنشاوي أن يكون قارئاً بالقصر الملكي... إلا أنه رفض.... لماذا؟



** هو لم يرفض.. ولكنه اشترط على الملك أن تمتنع المقاهي عن تقديم المشروبات ولعب الطاولة اعتبارا من الساعة الثامنة مساء وقت إذاعة القرآن الكريم والذي كانت تنقله الإذاعة من القصر الملكي قائلاً للملك: إن للقرآن جلاله فهو كلام الله ولا يجب أن ينشغل الناس عنه وقت تلاوته بالسؤال عن المشروبات والحديث واللهو ولعب الطاولة فقال له الملك: ذلك يعني أن نكلف حارساً على كل مقهى وهذا أمر يتعذر علينا فقال الشيخ أحمد: كذلك فهذا أمر يتعذر علينا أيضاً وتلا قوله تعالى" وإذا قريء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلم ترحمون" فما كان من الملك إلا أن أجله وقدره ولم يجبره على القراءة بالقصر الملكي.



 تزوج الشيخ محمد صديق المنشاوي مرتين فما سبب زواجه الثاني ؟



** لقد تزوج عام 1938م من ابنة عمه وكان ذلك هو زواجه الأول وأنجب منها أربعة أولاد ولدين وبنتين ثم تزوج الثانية وكان عمره قد تجاوز الأربعين وكانت من مركز أخميم محافظة سوهاج وأنجب منها تسعة أبناء خمسة ذكور وأربع إناث وكانت زوجتاه تعيشان معاً في مسكن واحد يجمعهما الحب والمودة وكان يقول: الناس يحبونني ويتمنون مصاهرتي وقد توفت زوجته الثانية أثناء تأديتها فريضة الحج قبل وفاته بعام واحد.



*كان قد أشيع أن صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي ضعيف ولا يستطيع تبليغه لمستمعيه إلا من خلال ميكرفون.. فمن كان صاحب تلك الإشاعة ؟ وكيف استقبلها الشيخ محمد صديق؟



** هي بالفعل كانت إشاعة ونكاية وحقداً من أحد المقرئين وقد حكى لنا بعض المخلصين من المقرئين عن واقعة أثبتت ما أقول حيث دعي الشيخ محمد لأحياء سهرة بمحافظة المنيا ودعي معه مقريء آخر وكان الحضور كثيرين جداً قد يزيد عددهم عن العشرة الآلاف جاءوا جميعاً ليستمعوا على القرآن بصوت الشيخ محمد فلما أحس ذلك المقريء بشغف الناس ومطالبتهم صاحب الدعوة بتعجل الشيخ محمد صديق بالتلاوة فما كان منه إلا أن أوصى عامل الميكرفون بافتعال عطل فني في الميكرفون وأطلق بين الناس شائعة أن صوت الشيخ محمد ضعيف جداً ولولا الميكرفون ما كان له هذا الصيت وعندما بدأ الشيخ محمد صديق يستعد للقراءة فوجيء بعامل الميكرفون يخبره بوجود عطل فني بالميكرفون يتعذر إصلاحه في حينه فاستشعر الشيخ محمد صديق بأن هناك مؤامرة لإحراجه وسط هذا الجمع الغفير فما كان منه إلا أن استعاذ من الشيطان الرجيم وأخذ يقرأ بين الناس ماشياً على قدميه تاركاً دكة القراءة والناس تتجاوب معه حتى أبهر الناس بقوة صوته فانخسأ هذا المقريء الحاقد تاركاً الحفل للشيخ محمد صديق المنشاوي الذي أحياه على تلك الحالة حتى ساعة متأخرة وعندما سألنا والدنا عن هذه الواقعة قال: لقد حدث ما قيل لكم، فسألناه عن اسم هذا المقريء فقال: إن الله حليم ستار.







قيل أن نبوغ الشيخ محمد صديق المنشاوي المبكر في التلاوة سبب له الكثير من المتاعب التي وصلت بالحاقدين عليه أن يدسوا له السم في الطعام... فكيف نجا من هذا الموت المحقق؟ ومن الذي دس له هذا السم؟



** لقد حكى هذه الواقعة بنفسه ولو أن أحداً غيره قصها ما صدقته فقد جلس يحكي لجدي الشيخ صديق ونحن جلوس عنده أنه كان مدعواً في إحدى السهرات عام1963م وبعد الانتهاء من السهرة دعاه صاحبها لتناول الطعام مع أهل بيته على سبيل البركة ولكنه رفض فأرسل صاحب إليه بعضاً من أهله يلحون عليه فوافق وقبل أن يبدأ في تناول ما قدم إليه من طعام أقترب منه الطباخ وهو يرتجف من شدة الخوف وهمس في إذنه قائلاً: يا شيخ محمد سأطلعك على أمر خطير وأرجوا ألا تفضح أمري فينقطع عيشي في هذا البيت فسأله عما به فقال: أوصاني أحد الأشخاص بأن أضع لك السم في طعامك فوضعته في طبق سيقدم إليك بعد قليل فلا تقترب من هذا الطبق أو تأكل منه، وقد استيقظ ضميري وجئت لأحذرك لأني لا أستطيع عدم تقديمه إليك فأصحاب السهرة أوصوني بتقديمه إليك خصيصاً تكريماً لك، وهم لا يعلمون ما فيه ولكن فلان... ولم يذكر الشيخ اسمه أمامنا... أعطاني مبلغاً من المال لأدس لك السم في هذا الطبق دون علم أصحاب السهرة ففعلت فأرجوا ألا تبوح بذلك فينفضح أمري... ولما تم وضع الطبق المنقوع في السم عرفه الشيخ كما وصفه له الطباخ وادعى الشيخ ببعض الإعياء أمام أصحاب الدعوة ولكنهم أقسموا عليه فأخذ كسرة خبز كانت أمامه قائلاً: هذا يبر يمينكم ثم تركهم وانصرف.



 ألم يفصح الشيخ محمد عن اسم ذلك الرجل الذي أراد قتله؟



** كل الذي حدث أنه تعجب واندهش من أفعال ذلك الرجل وخاصة بعد علمه أنه مقريء ولكنه لم يذكر اسمه حتى أننا تعجبنا من عدم سؤال جدي لابنه عن اسم ذلك المقريء وأمام هذا الأمر لم يكن باستطاعتنا أن نسأل الشيخ محمد عنه مادام لم يفصح هو عنه.



 لم يلتحق الشيخ محمد صديق المنشاوي بأي معهد لتعلم الموسيقى ولم يدرسها على يد أحد الموسيقيين فكيف اكتسب صوته هذا النغم في التلاوة؟



** هي موهبة أنعم الله عليه بها وأذكر أن أحد الموسيقيين الكبار في فترة الستينات عرض عليه أن يلحن له القرآن قائلاً له: يا شيخ أنت الصوت الوحيد الذي يقبل الموسيقى في القرآن فقال له الشيخ محمد: يا سيدي لقد أخذت الموسيقى من القرآن فكيف تلحن أنت القرآن بالموسيقى فخجل الرجل من نفسه.



 هل كان يستمع إلى الموسيقى أو إلى المطربين؟



** كان كثيراً ما يستمع إلى الموسيقى وكان يحب الاستماع إلى صوت السيدة أم كلثوم ويقول أن في صوتها قوة رقيقة ونغم موسيقي كذلك كان يعشق صوت الشيخ طه الفشني وبخاصة أدائه الرفيع في الابتهالات والتواشيح الدينية وكان كثيراً ما يتصل به ويلتقيان ليقف معه على مواطن الجمال الموسيقي في صوته.



 عندما دعي للقراءة في حفل يحضره الرئيس جمال عبد الناصر رفض رفضاً تاماً... فماذا عن علاقته بالرئيس جمال عبد الناصر؟ ولماذا رفض؟



** لم تكن له علاقة بالرئيس جمال عبد الناصر ولكن الدعوة وجهها إليه أحد الوزراء قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفل يحضره الرئيس عبد الناصر ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي، ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً: لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله.



*رغم ذيوع صيته واتساع شهرته إلا أنه عندما كان يجلس أمام بيته لا يعرفه الناس ويسألونه عنه... ألم يسبب ذلك له شيئاً من الضيق والحزن لعدم معرفة الناس به رغم تلك الشهرة؟



** الشيخ محمد كان شديد التواضع وكان كثيراً ما يتحرر من عمامته ويرتدي جلباباً أبيض وطاقية بيضاء ويجلس أمام باب بيته فكان بعض الناس يعتقدون أنه بواب العمارة وخاصة وأن بشرته قمحية ولكن ذلك لم يكن يضايقه وذات مرة اقترب منه أحد الأخوة المسيحيين وكان جاراً لنا في المسكن فلما اقترب من الشيخ محمد صديق لم يعرفه وقال له: لو سمحت يا عم ما تعرفش الشيخ محمد صديق المنشاوي موجود في شقته ولا لأ فنظر إليه الشيخ محمد قائلاً له: حاضر يا بني انتظر لما أشوفو لك وبالفعل تركه الشيخ محمد صديق وصعد إلى شقته وارتدى العمة والجلباب والنظارة ثم نزل إليه وسلم عليه هذا الذي سأل عنه منذ لحظات ولم يقل له الشيخ عندما سأله أنه هو من يسأل عنه حتى لا يسبب له حرجاً لعدم معرفته به وهو صاحب الصيت والشهرة في العالم العربي وقضى لذلك الرجل مسألته.

كيف كانت علاقته بأهل بلدته بعد أن نال هذا القدر العظيم من الشهرة؟



** كانت علاقته بأهل بلدته لا تنقطع وهذه عادات أهل الصعيد فكان عطوفاً بهم محباً لفقرائهم وأذكر أنه قال لنا ذات مرة أنه يريد عمل وليمة كبيرة لحضور بعض الوزراء وكبار المسؤلون على العشاء فتم عمل اللزوم ولكننا فوجئنا بأن ضيوفه كانوا جميعاً من الفقراء والمساكين من أهل البلدة وممن يعرفهم من فقراء الحي الذي كنا نعيش فيه.



 دوالي المريء.... هي المرض اللعين الذي هاجم الشيخ محمد صديق المنشاوي في سن مبكرة.... فتوفى دون الخمسين من عمره.. فما هي قصته مع المرض؟



** في عام 1966م أصيب رحمه الله بدوالي المريء وقد استطاع الأطباء أن يوقفوا هذا المرض بعض الشيء بالمسكنات ونصحوه بعدم الإجهاد وخاصة إجهاد الحنجرة إلا أنه كان يصر على الاستمرار في التلاوة وبصوت مرتفع حتى أنه في عامه الأخير الذي توفى فيه كان يقرأ القرآن بصوت جهوري بالدرجة الأمر الذي جعل الناس يجلسون بالمسجد الذي كان أسفل البيت ليستمعوا إلى القرآن بصوته دون علمه ولما اشتد عليه المرض نقل إلى مستشفى المعادي ولما علم الرئيس عبد الناصر بشدة مرضه أمر بسفره إلى لندن للعلاج على نفقة الدولة إلا أن المنية وافته قبل السفر في 20/6/1969م.



 وهل كان الشيخ يعلم بخطورة مرضه ودنو أجله؟



** كان يعلم بذلك تماماً وكان يشغل نفسه بقراءة القرآن وأذكر انه كان عندي بالمحل قبيل وفاته بشهر تقريباً وكان من عادته أن يعطي حذاءه لعامل الورنيش ليمسحه فلما رآه هذا العامل بالمحل أسرع إليه طالباً حذاءه ليمسحه كعادته لأن الشيخ يجزل له في العطاء إلا أن الشيخ محمد قال له: خذ هذه المرة حسابك من سعودي... فقال له عامل الورنيش: ليه يا مولانا.. فقال: لن أدفع مرة أخرى وكانت تلك آخر مرة يحضر فيها إلى المحل وكأنه يعلم بدنو أجله.



 ما هو الأجر الذي كان يتقاضاه الشيخ محمد صديق المنشاوي بعد أن أصبح قارئاً مشهوراً؟



** كان لا يطلب أجراً من أي إنسان وذلك كما عوده والده الشيخ صديق السيد فإذا ما دعي لأي سهرة يأخذ ما يعطى له دون أن ينظر في هذا المبلغ وقد أثار هذا الأمر انتقاد بعض المقرئين الذين طلبوا منه أن يرفع أجره حتى لا تضيع قيمته كمقريء له وزنه فأدرك ذلك الأمر مؤخراً حيث وجد أن الناس يقولون أنه يقبل أي شيء لأنه دون مستوى أقرانه من المقرئين فما كان منه إلا أن رفع أجره ولكن مع الذين لا يعرفهم ويخشى أن يشهروا به بهتاناً وزوراً.



 في أي المساجد عينته وزارة الأوقاف بعد اعتماده مقرئاً في الإذاعة؟



** بمسجد الزمالك بحي الزمالك وظل قارئاً لسورة الكهف به حتى توفاه الله.



(...)



 كيف استقبل أبوه الشيخ صديق السيد نبأ وفاته؟



** لم يتأثر على الإطلاق تأثر الخارجين عن الرضا بقضاء الله وقدره قائلاً: نحن نعيش كل يوم هذه الحقيقة فكيف لا نرضى وإنا لله وإنا إليه راجعون.



*لماذا لم يسجل الشيخ محمد صديق المنشاوي القرآن مجوداً للإذاعة؟



** لقد سجل الشيخ محمد صديق القرآن بصوته مجوداً للإذاعة ينقصه خمس ساعات تقريباًُ ولكن للأسف الشديد فإن المسؤلون في الإذاعة لا يهتمون بتسجيلات المقرئين وفي عام 1980م ذهبت للإذاعة ووجدت أن الشرائط المسجل عليها القرآن بصوت الشيخ محمد صديق تم تسجيل برامج أخرى عليها مثل ما يطلبه المستمعون أو خطاب الرئيس عبد الناصر وللأسف لم ننتبه لهذا الإهمال إلا عندما ذهبنا إلى الإذاعة لنحصل على نسخة من القرآن بصوته مجوداً.. أما فيما يتعلق بالقرآن المرتل فقد سجله للإذاعة كاملاً وحصلنا على نسخة منه.



*ماذا عن علاقته بالشيخ محمد رفعت؟



** كان يحبه حباً شديداً وقد تأثر بصوته وتلاوته وكان يقول لنا ذلك كذلك كان يحب الاستماع إلى القرآن بصوت من عاصروه من المقرئين دون استثناء فكان إذا جلس في البيت لا يترك الراديو باحثاً عن أية محطة إذاعية تذيع القرآن بصوت أحد المقرئين فكان يستمع إليهم جميعاً دون استثناء.



 عندما سافر إلى اندونيسيا في أول زيارة له خارج مصر بكى أثناء تلاوته للقرآن... لماذا؟



**كان في تلك الرحلة مرافقاً للشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد بدعوة من الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو فأرسل إلي خطاباً قال فيه: لم أر استقبالاً لأهل القرآن أعظم من استقبال الشعب الإندونيسي الذي يعشق القرآن بل ويستمع إليه في إنصات شديد ويظل هذا الشعب واقفاً يبكي طوال قراءة القرآن مما أبكاني من هذا الإجلال الحقيقي من الشعب الإندونيسي المسلم وتبجيله لكتاب الله.



 هل كان الشيخ محمد يمارس الرياضة؟



** نعم... كان يحب المشي وكان يترك سيارته يومياً أمام مسجد الإمام الحسين ويبلغ السائق بألا ينتظره ويعود للمنزل بحي حدائق القبة مشياً على الأقدام.





الشيخ محمد صديق المنشاوي






كان الشيخ محمد صديق مقلاً في ركوب سيارته.... فلماذا اشتراها إذن؟



** اشترى السيارة عام 1955م ولم يكن له بها هوى ولكنها فقط كانت تعينه في تنقلاته خارج القاهرة أما فيما عدا ذلك فكان قليلاً ما يركبها.



 هل ورث أحد أبناءه حلاوة صوته ومهنة القراءة في السهرات؟



** كل أولاده يحفظون القرآن والحمد لله كاملاً ولكن لم يتمتع أحد منا بحلاوة الصوت باستثناء ولديه صلاح وعمر الأول يعمل محاسباً والثاني معيداً بجامعة الأزهر وهما دون الثلاثين من عمرهما ويتميزان بصوت طيب جميل وقد شهد لهما الكثير من المتخصصين في علوم القراءاتوهما يدرسان الآن علوم القراءات استعداداً لاحتراف هذه المهنة فيما بعد إن شاء الله.



 ما هي الجوائز التي حصل عليها؟



** منحه الرئيس الإندونيسي أحمد سوكارنو وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى وحصل على وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية من سوريا.



 وماذا عن تكريم الحكومة المصرية له؟



** لم يحصل على أية تكريم من مصر حتى الآن وإن كانت الدولة كرمت والده الشيخ صديق السيد رحمه الله بعد وفاته عام 1985م فمنحته وسام الاستحقاق من الطبقة الثانية.






هدية البوتيك علم مصر علي شكل هرم فقط للمصريين الغاليين علي قلبي



0 comments:

Post a Comment

دردشه وشات صورك عندنا عيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــش

  • كيفيه تغير الاسم والصوره و حل مشكلة اللغه فى دردشة شلوت جروب
  • يرجى من الزوار المحترمين الالتزام بالادب
  • اولا الاسم و الصوره
  • ايها الزائر اسمك هو اول اسم فى قائمه الاسامى اضغط عليه ثم غير الاسم و الصوره
ثانيا حل مشكلة اللغه
اذا كانت اللغه العربيه معكوسه اضغط على الرابط التالى للتعديل
language
ثم اضغط f5 او اعمل ريفرش للصفحه